الدور الإماراتي في ليبيا الدوافع والتحولات والمسارات المستقبلية
تقدير موقف
المركز الخليجي للتفكير
نوفمبر 2022
مع انطلاق الألفية الجديدة اتجهت الامارات لتوظيف فوائضها النفطية في السعي للهيمنة الإقليمية والقيام بدور إقليمي أكثر قوة وتأثيراً وتزامنت هذه الاستراتيجية الجديدة مع ثورات الربيع العربي عام 2011 والتي شهدت صعود الإسلاميين، فبرزت الإمارات كقائدة تحالف مضادة للثورة في الشرق الأوسط، وتبنت الدولة الخليجية الغنية بالنفط سياسة خارجية عدوانية لمواجهة ثورات التحرر العربي.
عقب نجاح تجربتها في مصر عام 2013، قررت أبو ظبي مواجهة صعود الإسلاميين في ليبيا عقب ثورات الربيع العربي، والاستيلاء على السلطة، والهيمنة على ليبيا، ولهذه الغاية، قدمت الإمارات دعماً عسكرياً ومالياً ودبلوماسياً هائلاً لحفتر للإطاحة بالحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.
منذ العام 2014 واستمراراً لنهجها التوسعي بدأت الإمارات التدخل في الشأن الليبي في حقبة ما بعد القذافي، وتدخلها في الدولة الغنية بالنفط لم يكن استثناءً أو حالة منعزلة، بل هو جزء من نهج شامل انتهجته أبوظبي في عقدها الأخير ويرتبط هذا النهج بشكل كبير بعدة عوامل أهمها طبيعة الحكم في الإمارات والطموحات الإقليمية للسياسة الخارجية الإماراتية والثورات العربية.
وكعادتها البرجماتية لم تلتزم الإمارات بنهج وسياسة موحدة تجاه ليبيا، فمع فشل رجلها حفتر في تحقيق حلمهما بالسيطرة على طرابلس تحولت مواقفها من دعم حفتر إلى دعم المسار السياسي الذي بالطبع تحاول الالتفاف عليه لتحقيق أهدافها من الهيمنة والسيطرة.
ومع عودة الاشتباكات إلى العاصمة الليبية طرابلس والغموض الذي بات يكتنف المسار السياسي يٌعيد إلى المشهد الدور الإماراتي في ليبيا والتي كان لها دور كبير في إرباك الحالة السياسية عبر دعمها المطلق للجنرال حفتر.
وفي هذا السياق، يهدف تقدير الموقف إلى مناقشة التدخلات الإماراتية في ليبيا وأهدافها والتحولات التي أصابت الموقف الإماراتي ومستقبل الوجود الإماراتي.
أولاً: - أهداف المشروع الإماراتي في ليبيا
يُعد تورط الإمارات في الأزمة الليبية اختبارا حاسماً بالنسبة للمصالح الإستراتيجية لأبوظبي في أحد أهم الملفات التي تخص مستقبلها على الساحة الدولية، من أجل فرض نفسها بين القوى الكبرى، ومدخلها الرئيسي لهيمنتها الإقليمية، وهي ترى أن موانئ ليبيا وثرواتها إحدى البوابات المهمة لذلك، وينطلق المشروع الإماراتي في ليبيا وفق أهداف ومحددات عدة أهمها: -
أولاً: الدوافع السياسية
1- تحسين صورتها دولياً من خلال تبنيها شعار مكافحة الإرهاب، فقد اجتهدت الإمارات كي تقدم نفسها في ذلك، فشاركت الولايات المتحدة في تحالف الحرب على داعش، وقبل ذلك في العراق وأفغانستان والبوسنة، كما تشارك السعودية في حربها على اليمن قبل انسحابها النسبي عام 2019.
2- استمرار نهجها الدولي والإقليمي في محاربة الإسلاميين فيُعد التوجه الاستراتيجي للإمارات المناهض للديمقراطية أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل أبو ظبي القوة الرائدة المناهضة للثورة في المنطقة.
3- البحث عن دور إقليمي فعال ومؤثر خاصة في الدول الهشة سياسياً ومجتمعياً عقب ثورات الربيع العربي.
4- سيطرة حفتر على ليبيا ستوفر لأبو ظبي فرصة لتوسيع وجودها الاقتصادي والعسكري في البلاد وفي المنطقة على نطاق أوسع، وستوفر كذلك عمقًا استراتيجيًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا في إفريقيا والمنطقة.
ثانياً: الدوافع الاقتصادية
تدرك الإمارات أن الحروب كما تأتي بالمخاطر تأتي بالفرص ففي الحرب تقل الرقابة أو تنعدم، وتزيد فرص التربح، ويتعاظم تأثير شبكات العلاقات وتأثيرها على الصعيدين السياسي والاقتصادي لذا تسعى الإمارات من فرض تواجدها المباشر أو عبر وكلائها في ليبيا إلى تحقيق عدة أهداف اقتصادية بالأساس منها: -
1- الرغبة في أن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسي واقتصادي، ولا شك أن النهضة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها، والمشاريع التنموية التي أنجزتها، وتركيزها على تنويع الاقتصاد واستخدام أحدث التقنيات في مختلف المجالات كان لها دور كبير في تعزيز ثقلها الإقليمي.
2- تسعى الإمارات في ظل استراتيجيتها الاستيلاء على الموانئ الكبرى والتحكم في محطات النقل العالمية وتمثل ليبيا إحدى النقاط والركائز المهمة في هذه الاستراتيجية فتمتلك عدة موانئ على البحر المتوسط مثل، ميناء الخمس ومصراتة وبنغازي وطبرق، وهي مؤهلة إلى أن تتطور إلى موانئ تجارة عبور ضخمة، تنقل من خلالها البضائع العالمية جنوبا إلى أعماق أفريقيا، لتغطية كل الأسواق الأفريقية الواعدة، والذي يقدر الاتحاد الأفريقي حجمها التجاري وقدرتها الاستهلاكية بقرابة الأربعة تريليونات دولار في العام.
3- ليبيا غنية بالنفط بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وساحلها الطويل والعديد من الموانئ على البحر الأبيض المتوسط، سيكون لها تأثير تحولي على منطقة شمال أفريقيا وما وراءها ستوفر فرصًا جديدة لدولة الإمارات في شمال إفريقيا وشرق المتوسط وتعزيز أجندتها الإقليمية بطريقة غير مسبوقة، لا سيما في مواجهة منافسيها الإقليميين مثل قطر وتركيا.
وتمتلك ليبيا احتياطاتٍ نفطيةٍ هائلة تُقدر بنحو 48 مليار برميل، إضافةً إلى احتياطات النفط الصخري بسعة 26 مليار برميل، واللافت أنّ الشركات العاملة في مجال الطاقة في ليبيا، تمتلك بلدانها أدوارًا رئيسية في الصراع الليبي، وتتقاسم رغبة أبوظبي في السيطرة على النفط الليبي.
تسعى أبو ظبي للسيطرة على النفط الليبي، إذ كان وصولها إليه مبكرًا من خلال تعاقدات رسمية أبرمتها مع نظام معمر القذافي في رأس لانوف منذ عام 2009 من خلال شركة "تراسا" الإماراتية، ليتم تأسيس شركة ليبية إماراتية تحت اسم "ليركو" ما زالت تحتفظ بحقوقها في رأس لانوف، ولم تتوقف "تراسا" المملوكة لعيسى الغرير عن السعي لابتلاع "ليركو" كاملة، غير أنها فشلت في آخر محاولة لها، إذ رفعت دعوى قضائية على مؤسسة النفط الليبية أمام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس مطالبة بتعويض قدره 812 مليون دولار، لكنها خسرت القضية.[1]
4- في ظل سعيها لفرض هيمنتها السياسية والاقتصادية على الإقليم تسعى لتهميش أو إضعاف تلك الدول التي تملك المقومات لمنافستها في هذا الدور
5- تحرص الإمارات على أن يكون لها نصيب من إعادة الإعمار والتي يقدرها وزير الشؤون الاقتصادية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية سلامة الغويل، فاتورة إعادة إعمار البلاد بـ 111 مليار دولار.
ثانياً: - التدخل الإماراتي في ليبيا
مثل النفوذ الإماراتي في ليبيا أحد النقاط الساخنة بالنسبة لها فليبيا إلى جانب اليمن هما النقطتان الرئيسيتان التي تدخلت فيهما أبوظبي عسكرياً عبر دعم مباشر للجنرال خليفة حفتر وتمثل الدعم العسكري بالتكفل بشراء الأسلحة بكل أصنافها من خفيفة إلى متوسطة وثقيلة إلى طائرات مسيرة، إضافة إلى توقيع عقود مع شركات أمنية كشركتي "بلاك ووتر" و"فاغنر" وغيرهما من الشركات، وكان للإمارات طيلة تلك الفترة غرفة عمليات عسكرية واستخباراتية مقرّها قاعدة الخادم شرق ليبيا، وفي حين تقلل أبوظبي من تواجدها في ليبيا، فإن فاغنر تواصل تحصين مواقعها وحفر خندق يمتد من منطقة الجفرة جنوباً إلى مدينة سرت شمالاً في المنطقة الوسطى للبلاد[2]. وانتهجت الامارات في سبيل تحقيق أهدافها في ليبيا عدة مسارات أهمها العسكري والمسار السياسي والإعلامي.
أولاً: المسار العسكري
بدأ الوجود العسكري الإماراتي في ليبيا بدوريات منطقة مقيدة بست طائرات ميراج وست طائرات حربية من طراز F-16 أثناء التدخل العسكري الدولي الذي حدث في مارس 2011، وخلال تلك الفترة الانتقالية التي أعقبت نهاية حكم القذافي استطاعت الإمارات إقامة علاقات وثيقة مع شخصيات مثل محمود جبريل وعبد الرحيم الكيب وعارف النايض وعملوا على تعزيز نفوذها على السياسة الليبية من خلال زيادة الدعم المالي والعسكري للقبائل والقوى العسكرية التي رأت أنها قريبة من نفسها، لا سيما في العاصمة طرابلس، وأسفرت انتخابات يونيو 2012 عن فوز تحالف القوى الوطنية بقيادة جبريل بـ 39 من الكوتا البالغ 80 مقعدًا في القائمة الحزبية، بينما كان يحظى أيضًا بدعم الإمارات[3].
ولكن في ظل التناقضات وحالة عدم التوافق السياسي في المشهد الليبي تغلبت الاشتباكات على مسار الانتخابات، ففي فبراير 2014 أطلق حفتر عملية "الكرامة"، وخلال هذه العملية أوغلت الإمارات في التدخل في الشأن الليبي.
وفي ظلال هذه الحرب بدأت الإمارات التدخل عسكرياً بشكل مباشر عبر دعمها لخليفة حفتر، فكان للإمارات إلى جانب شراء جيش لحفتر من قوات فاغنر الروسية، قوات ومستشارين ومدربين وقواعد ومعدات عسكرية في ليبيا.
في عام 2016، كشفت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن المخابرات والتحليلات الدفاعية والأمنية البريطانية HIS-Janes أن الإمارات أقامت قاعدة عسكرية في مطار الخادم، على بعد 70 كيلومترًا جنوب المرج، المدينة التي يعيش فيها خليفة حفتر، وفقًا للمعلومات التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت، واصلت أبو ظبي تطوير البنية التحتية للقاعدة العسكرية بين يونيو 2016 ونوفمبر 2017. وتم التعرف على أنواع مختلفة من الطائرات المتمركزة في القاعدة عبر صور الأقمار الصناعية[4].
استنادًا إلى معلومات استخبارية، وضعت الإمارات طائرات ميراج في قاعدة سيدي براني المصرية 18 بالقرب من الحدود الليبية وسعت إلى فتح قاعدة عسكرية جديدة في النيجر بالقرب من الحدود الليبية[5].
وفي 2017 أظهر التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا عن خرق دولة الإمارات، وبصورة متكررة، نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها. وبينت لجنة العقوبات في تقريرها أن الإمارات قدمت الدعم العسكري لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة، مرجحة كفته في القتال المستمر في البلاد بعد الثورة الشعبية على نظام العقيد معمر القذافي.
وبحسب التقرير، فقد أدى الدعم الإماراتي إلى زيادة قدرات قوات حفتر الجوية بصورة كبيرة؛ لتضمن المساعدات الإماراتية مواد دخلت في تجديد الطائرات المعطلة سابقا، بل وتزويدها بطائرات وآليات عسكرية جديدة[6].
ويدعم تقرير الأمم المتحدة التحقيق الذي نشرته مجلة "التايم" في مايو2017 وكشفت فيه، عن أن الإمارات قامت بنشر طائرات حربية أمريكية الصنع في ليبيا، في انتهاك لحظر إرسال الأسلحة إلى هناك،
يقول التحقيق إن أبو ظبي نشرت ست طائرات على الأقل، التي ظهرت على صور فضائية في قاعدة عسكرية، يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يخوض صراعا مع الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة، ويضيف التحقيق أن نشر هذه الطائرات يقدم دليلا جديدا على الحرب السرية بالوكالة الجارية في ليبيا، حيث تنحاز مصر والإمارات وروسيا إلى جانب حفتر في الحملة العسكرية ضد القوات الحكومية المدعومة أمميا[7].
ويكشف تقرير الأمم المتحدة أنه في عام 2018، نشرت الإمارات طائراتها الهجومية الصينية الصنع من طراز Wing Loong II في ليبيا، ومع ذلك، لم يتم ترجمة التفوق الجوي لدولة الإمارات بشكل صحيح إلى مكاسب فعالة على الأرض. وبدلاً من ذلك، انتهى الأمر بالإمارات إلى تحمل مسؤولية ارتكاب مجازر وجرائم جماعية بين المدنيين عند استهدافها المستشفيات والمساجد والمنازل والمدارس وحتى مخيمات المهاجرين[8] .
وبالمثل، كشف تحقيق في الغارة الجوية التي قتلت 26 طالبا غير مسلح في أكاديمية عسكرية في العاصمة الليبية في يناير 2020. أدلة تربط الإمارات بهذا الحادث. ووفقًا لشبكة بي بي سي الإخبارية، فقد نتج عن إطلاق صاروخ صيني أزرق أرو 7 أطلقه Wing Loong II من قاعدة الخادم الجوية[9].
كشفت تقارير إعلامية عن تمركز القوات الإماراتية في ليبيا، التي تنتشر شرق البلاد في قاعدة الخادم بمنطقة الخروبة، كما انتقل جزء منها إلى قاعدة الجفرة، حيث تم تأسيس غرفة تحكم قبل أن تقصفها في يونيو2019 قوات الوفاق، وأغلب القوات الإماراتية موجودة في غرف التحكم والسيطرة، ويقتصر دورها على تسيير الطائرات المسيرة وبعض الخطط الإستراتيجية، وتقديم الدعم اللوجستي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي تفتقر إلى الإمكانات والخبرة.
ويرى مراقبون أن إقامة الإمارات قواعد عسكرية تعكس نيتها الاحتلالية وتعزيز نفوذها الدائم في ليبيا، رغم زعمها محاربتها للإرهاب والتصدي لأطماع إقليمية في ليبيا، لا سيما بعد إسقاط قوات حكومة الوفاق أكثر من طائرة مسيرة إماراتية.[10]
تظهر خريطة توزع السيطرة في ليبيا أن المناطق ذات الكثافة السكانية والأهمية الإستراتيجية تسيطر عليها قوات اللواء " خليفة حفتر" وتبلغ حوالي 60%، وما يقارب 40% الباقية باتت تخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني[11].
ثانياً: - المسار السياسي والإعلامي
لم تكتف الامارات بدعم حفتر والمسار العسكري فقط بل مارست المسار السياسي والإعلامي الذي تجيده، لذا سعت الإمارات إلى توظيف قدراتها الدبلوماسية لإفشال حكومة الوفاق ومحاولة إسقاط الشرعية الدولية عنها لصالح حليفها حفتر وهو ما فشلت فيه
فقد سعت الإمارات لتوظيف نفوذها من خلال بعض الشخصيات المقربة منها مثل محمود جبريل الذي شغل رئيساً للوزراء خلال الفترة 5 مارس 2011 إلى 23 أكتوبر 2011 والذي توفي في إبريل 2020، وكذلك عارف النايض رئيس تكتل إحياء ليبيا وعمل النايض مديرًا عامًا لمؤسسة "كلام" للبحوث والإعلام، في إمارة دبي عام 2009، بجانب عضويته في اللجنة الأكاديمية الاستشارية في مؤسسة "طابة" بالعاصمة أبوظبي، وهو سفير سابق لليبيا لدى أبوظبي، واستقال عام 2016 للترشح للانتخابات الرئاسية 2018 (لم تتم)، كما أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر2021 ولم تتم أيضاً.
كما سعت الإمارات لخلق ذراع سياسي متمرد على المؤتمر الوطني وهو "برلمان طبرق" الذي بنت علاقات قوية مع رئيسه "عقيلة صالح" والذي بات عاملاً مؤثراً في معظم الخلافات التي تشهدها ليبيا،
وباتت أبوظبي قبلة رئيسية لزيارات عديدة من رئيس البرلمان الليبي، والذي وفقاً لإحدى الإذاعات الفرنسية فإن أبوظبي خلال إحدى زياراته العديدة لأبوظبي قد ناقشت معه احتمالية خلافته لحفتر اثناء علاجه بفرنسا وذلك في عام 2018.[12]
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية، نوفمبر 2015، مقالا أوضحت فيه "أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا "برناردينو ليون" أمضى صيفه في التفاوض مع دولة الإمارات على وظيفة براتب 35 ألف جنيه إسترليني شهريا، يشغل بموجبها منصب مدير عام "أكاديمية الإمارات الدبلوماسية"، التي تهدف إلى تطوير علاقات الإمارات مع العالم، والترويج لسياساتها الخارجية، إضافة إلى تدريب الكادر العامل في السلك الدبلوماسي".
ووفق التسريبات قال ليون، في رسالة مسرّبة لوزير خارجية الإمارات "سأكون في العون بالسيطرة على المفاوضات طوال وجودي هنا، لكنني لا أنوي البقاء طويلًا كما تعرفون.. ويُنظر لي كشخص منحاز لمجلس النواب -في طبرق-، ولذا فقد نصحت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بالعمل معكم"، وكان ليون، بحسب الغارديان قد أرسل رسالة إلى وزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد" جاء فيها، "إن خطتي هي تفكيك تحالف غاية في الخطورة بين الإسلاميين وتجار "مصراتة" الأغنياء، وهو التحالف الذي يحافظ على بقاء المؤتمر الوطني العام"[13].
الإمارات أيضًا بحسب مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» الأمريكية سارعت لتكرار الدور نفسه مع المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة – استقال من منصبه لاحقًا – الذي عمل خلال منصبه عميدًا لكلية باريس للشؤون الدولية، وهو معهد بحثي برعاية إماراتية[14].
وكشفت وثيقة حصلت عليها النسخة الإنجليزية من قناة "تي أر تي" التركية، عن وجود محاولات إماراتية للضغط على الولايات المتحدة من أجل التدخل في ليبيا، والمساعدة في التصدي للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة وتركيا، الوثيقة، عبارة عن رسالة وجهها سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبي، إلى بعض المسؤولين الأمريكيين. وقال العتيبي في رسالته: "ما لم يتم التحقق من ممارسات تركيا في ليبيا، فالوضع قد يتحول بسهولة من السيء إلى الأسوأ"[15].
كما مولت الإمارات عدد من القنوات التلفزيونية المناهضة للإسلاميين مثل قناة ليبيا روحها الوطن، التي رأس مجلس إدارتها رضا النايض شقيق عارف النايض من العاصمة الأردنية عمّان، وقد حصلت القناة على أكثر من 25 مليون دولار من أبوظبي حتى عام 2017، كما دعمت "عبد الباسط بن هامل" المُدافع عن القذافي، ومؤسس ورئيس تحرير "بوابة أفريقيا" بمقرها في القاهرة، والتي حصلت على تمويل إماراتي فاق مليوني دولار حتى الآن، و"عبد السلام المشري" المقرّب سابقًا من سيف الإسلام القذافي ويدير من لندن قناة "ليبيا 24" المعروفة بهجومها على الثورة الليبية، وحصل هو الآخر على أكثر من سبعة ملايين دولار، ومحمود شمّام صاحب التوجهات الليبرالية، والذي يدير موقع وشبكة راديو "الوسط" من مقرهما في القاهرة، وحصل على حوالي 5 ملايين دولار من الإمارات لتأسيسهما، وكذلك الإعلامية البارزة وقت الثورة هدى السراري زوجها الروائي المعارض مجاهد البوسيفي، واللذين أطلقا قناة 218 من العاصمة الأردنية عمّان بدعم مالي كامل من أبوظبي.[16]
وبحسب دراسة إعلامية أعدها صحافيون ليبيون عام 2016، فالإمارات تسيطر على سبع وسائل إعلامية ليبية وعدد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ضخت فيها نحو 74 مليون دولار[17].
ثالثاً: - تحولات الموقف الإماراتي
في أواخر 2020 ومع متغيرات عدة وفشل حفتر في دخول طرابلس، ويعزى هذا الفشل إلى حد كبير إلى تكثيف التدخل العسكري التركي المباشر في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، ما أدى إلى دفع قوات "حفتر" إلى سرت على بعد مئات الأميال من طرابلس، والتي تزامنت مع إعادة التموضع التي انتهجتها الإمارات بانسحابها" النسبي" من اليمن على مرحلتين الأولى نهاية يوليو2019، والثانية في فبراير 2020، لذا تراجعت حدة التدخلات العسكرية الإماراتية لصالح الدور السياسي، تراجع الدور العسكري الإماراتي، فلم تعد الإمارات ترسل شحنات الأسلحة عبر مطارات إريتريا وأبوظبي كما كان يحدث في السابق، بدا أن البعثة العسكرية الإماراتية المتواجدة بالمنطقة الشرقية قد اتخذت من قاعدة بنينا ومقر القيادة العامة في الرجمة مقراً لها واقتصر دورها على العمل الاستخباراتي وتوفير المعلومات العسكرية والمخابراتية لخليفة حفتر. [18]
وأجبر هذا الفشل الإمارات على التصالح مع عجز "حفتر" عن تحقيق نصر عسكري شامل، ما دفع أبوظبي للبحث عن سبل أخرى لتأمين مصالحها، وتحقيق أهدافها ودفع هذا الإدراك المسؤولين الإماراتيين إلى المصادقة الرسمية على عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وفي أواخر يناير 2021 بعد يوم واحد من توجيه مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة دعوة للإمارات وتركيا وروسيا إلى "احترام السيادة الليبية والوقف الفوري لجميع أشكال التدخل العسكري في ليبيا"[19]، كتب سفير أبوظبي لدى المنظمة الدولية رسالة يؤكد فيها على "الحاجة الملحة لبذل جهود دبلوماسية متجددة لحل النزاع في ليبيا". وقال الدبلوماسي الإماراتي إن الإمارات "مستعدة للعمل بشكل وثيق مع جميع أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك الإدارة الأمريكية الجديدة، لتحقيق تسوية سلمية في ليبيا"[20].
وفي إبريل 2021 أكدت الإمارات على لسان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "دعمها" للسلطة الليبية الجديدة بمناسبة زيارة لرئيس الحكومة عبد الحميد دبيبه إلى أبوظبي"[21].
وفي أغسطس 2022 كشفت مصادر استخبارية فرنسية عن خفايا وساطة الإمارات لتعزيز نفوذها في ليبيا، وأورد موقع "أفريكا إنتيلجينس" الاستخباري الفرنسي، أن الإمارات تعمل على إتمام صفقة سرية بين رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر المدعوم من أبوظبي للاستمرار في السلطة أطول مدة ممكنة وإزاحة خصمه فتحي باشاغا.
وقال الموقع إن مساعي “الدبيبة” لتحقيق الاتفاق مع “حفتر” بدأت بمساعديه لمنع وجود حكومة "باشاغا" في شرق وجنوب ليبيا عن طريق إتمام أولى الصفقات بتعيين فرحات بن قدارة رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة النفط، وهو الرجل المقرب من حفتر، وذلك بعد اجتماع رعته أبوظبي بين إبراهيم الدبيبة وصدام نجل خليفة حفتر.
وبحسب الموقع فإن ثاني الورقات التي لوح بها عبد الحميد الدبيبة هي الحقائب الوزارية، فقد أفاد الموقع أن جولة جديدة دارت في دبي في الفترة من 20 وحتى 23 من يوليو 2022 برعاية المخابرات الإماراتية بين أحمد الشركسي ممثلا عن الدبيبة، وصدام حفتر، وقال الموقع إن هذه الجولة تناولت إمكانية عقد صفقة لضمان استمرار الدبيبة في السلطة مقابل منح معسكر حفتر تعيين وزراء المالية، التخطيط، الدفاع، وربما الخارجية إلى جانب نائبي رئيس الوزراء عن الجنوب والشرق.
وأوضح الموقع أن المفاوضات الحالية لم تؤد إلى اتفاق ملموس في الوقت الحالي، مشيرا إلى أنها -على الأقل- ذكّرت الدبيبة بمدى مقدرة المعسكر الشرقي على التسبب بمشاكل في قلب العاصمة الليبية طرابلس.
وتعليقا على قرار إقالته من قبل رئيس الوزراء المعترف به دوليا، شن رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مصطفى صنع الله، هجوما شديدا على عبد الحميد الدبيبة متهما إياه بالتواطؤ مع الإمارات، وقال “صنع الله” في مقطع فيديو مسجل بثه عبر حساب المؤسسة الوطنية الليبية للنفط الرسمي، إن “حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية حاولت التلاعب بمؤسسة النفط من خلال عقد صفقات في الإمارات، وهي الدولة الغارقة في الملف الليبي ومتحالفة مع الدبيبة”.
وهاجم الرئيس المعين من قبل الدبيبة فرحات بن قدارة، متهما إياه "بالتآمر” مع الإمارات، بهدف “التفريط في 600 مليون دولار سنويا لصالح الإمارات”[22].
مع شهر أغسطس2022 عادت تلك الاشتباكات مره أخرى بالعاصمة، طرابلس، وترجع إلى النزاع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، برئاسة فتحي باشاغا الذي يرى نفسه وحكومته ممثليْن للشرعية باعتبار أن تكليفهما صادر عن أعلى سلطة منتخبة في الدولة "البرلمان"، فيما يعتبر الدبيبة أن حجب الثقة عن حكومته باطل، ولم يتم بشكل قانوني، وأن التفويض لحكومته مستمر إلى حين إجراء الانتخابات كما يقضي اتفاق تونس-جنيف.
رابعاً: - أسباب التحول
يمكن تفسير تحول الإمارات من كونها الداعم الأساسي لزعيم الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر إلى مؤيد لحكومة الوحدة الوطنية بثلاثة عوامل.
أولاً، أثارت الانتكاسات العسكرية لحفتر في النصف الأول من عام 2020 قلق الإمارات، مما جعلها تخشى أن يؤدي الاعتماد حصريًا على زعيم الجيش الوطني الليبي إلى تهميش نفوذها في ليبيا.
ثانيًا، واجهت الإمارات ضغوطًا متزايدة من الأمم المتحدة والقوى الدولية لتقليص دعمها العسكري لحفتر، فخوف الإمارات من تشويه صورتها لدى حلفائها الغربيين محرك رئيسي للتحول.
ثالثًا، تباين مواقف الدول التي كانت الامارات تنسق معها في ليبيا، فتساور الإمارات شكوك بشأن بقاء شراكاتها في ليبيا في زمن الحرب في حين أن نفوذ الإمارات على سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه ليبيا قد حظي باهتمام واسع النطاق، ولكن اتبعت فرنسا مسارًا متباينًا في الأشهر الأخيرة. أثار تعامل فرنسا مع وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، وإقامة علاقات ودية مع دبيبة، وتهدئة التوترات مع تركيا في ليبيا، شكوكًا حول قوة الشراكة الفرنسية الإماراتية في ليبيا، كما أدى انخراط مصر مع حكومة الوفاق الوطني في شهورها الأخيرة، والذي حدث دون مشاورات مع الإمارات، إلى حدوث احتكاك بين القاهرة وأبو ظبي. بسبب هذه التوترات، ترى الإمارات العربية المتحدة أن إقامة علاقات وثيقة مع حكومة الوحدة الوطنية هي الوسيلة الأكثر فاعلية للتنافس مع روسيا وفرنسا ومصر في مرحلة إعادة الإعمار بعد الصراع في ليبيا[23].
خامساً: - التحديات
بالرغم من الأدوار المتشابكة للإمارات وما لديها من قدرات وإمكانيات في سبيل تحقيق أهدافها إلا أنها تُواجه عدة تحديات منها:
1- الضغوط الدولية تواجه الإمارات ضغوط عديدة من القوى الدولية والتي كانت سبباً مباشراً في تجميد دعمها العسكري لحفتر وقواته
2- المنافسة الإقليمية في ظل تشابك المواقف والأدوار داخل المشهد الليبي، فيوجد هناك تواجد فرنسي وروسي ومصري وتركي وكلها أدوار متضاربة ومتناقضة مما يزيد حدة التعقيدات، على سبيل المثال كان التدخل التركي لدعم حكومة الوفاق أحد الأسباب الرئيسية في وقف سيطرة قوات حفتر على طرابلس، كما دخلت قطر وتركيا على خط المفاوضات الأخيرة وتحاول أن تقوم بدور الوساطة وهو بالطبع يؤثر على الدور الإماراتي.
3- الرفض الشعبي في ظل الدور السلبي الذي مارسته الإمارات في مواجهة ثورات الربيع العربي وتدخلها العنيف في ليبيا عبر حفتر وقواته يواجه الامارات رفض شعبي لتواجدها داخل ليبيا وهو ما قد يضر سياسة الإمارات وأهدافها
4- الموقف الأممي والدولي الدافع لإقرار السلام ودعم الانتخابات وهو مالا يصب في خدمة مصالح ابوظبي ورجلها المقرب " خليفة حفتر".
سادساً: - المسارات المستقبلية
في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والضغوط التي تمارسها القوى الدولية على الإمارات لدعم العملية السياسية والانحياز إلى المسار الديمقراطي فمن المتوقع أن تسير الإمارات في مسارين وفقاً للمتغيرات الدولية والإقليمية.
المسار الأول: التوازن بين السياسي والعسكري
مع التحولات الجديدة في ليبيا تراجعت أبوظبي قليلاً عن دعم حفتر، فقد أصبح الملف الليبي ملفاً سياسياً دولياً أكثر منه إقليمياً أمنياً، لذلك من المتوقع قبول أبو ظبي الهدنة في ليبيا، وتراجع نفوذها قليلاً، والسعي لدعم القرار السياسي ومحاولة التغلغل من خلال شركاء جدد بعيداً عن الحل العسكري بشكل مباشر.
ويرى هذا المسار – وهو المرجح- أن تستمر الإمارات في دعم المسار السياسي وتوظيف قدراتها الإعلامية وأذرعها السياسية في تحقيق المزيد من المكاسب كما في الوقت نفسه وإن كان بدرجة أقل ستستمر في توظيف حفتر وقدراته العسكرية، فمن غير المرجح أن تتخلى الإمارات بسهولة عن أهدافها هناك بعد سنوات من التدخل ويرجح ذلك المسار عدة نقاط أهمها: -
1- أجندتها الأيدلوجية والتي تتجاهل التكاليف المالية والمخاطر السياسية لصالح تحقيق أهدافها، فالإمارات ملتزمة بالقضاء على أي نمط حكم تحت رعاية الإسلاميين، والنتيجة الطبيعية الحتمية لتصورات التهديد هذه هي أن أبو ظبي لن توقف محاولاتها للتأثير على التوجه السياسي لحكومة طرابلس.
2- حقيقة أن المستقبل السياسي لليبيا يمثل بيئة مهيئة لطموحات أبو ظبي الجيوسياسية الأوسع نطاقاً سيوفر لها الحافز المطلوب لمواصلة جهودها هناك وفق وسائل عدة.
3- ربما كان من اهداف تقاربها مع تركيا فتح مسار جديد لها في ليبيا في ظل تراجع إنجازات حفتر العسكرية لصالح حكومة التوافق المدعومة دوليا وتركيا
4- التراجع النسبي في دعم حفتر عسكريا والانحياز إلى المسار السياسي فمنذ عام 2017 إلى عام 2019، استضافت الإمارات بانتظام محادثات بين خليفة حفتر ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، والتي أسفرت عن اتفاق فبراير 2019 بين الطرفين لإجراء الانتخابات الليبية، فيمكن من خلال توازناتها السياسية على موازنة العلاقات الإيجابية مع حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
5- الاستفادة من انتخابها كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتعزيز أدوار حلفائها الليبيين.
6- البرجماتية الإماراتية فلديها القدرة الكبيرة على التحول وتبدل مواقفها وتغيير لاعبيها ففي حين أن سياستها قد شهدت تحولًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، إلا أنها يمكن أن تعود بسهولة إلى تكتيكاتها القديمة المزعزعة للاستقرار إذا كانت الظروف على الأرض تفضل هذا النهج.
7- حرص الإمارات على أن تلعب مع كل الأوراق المتاحة فبينما تتقارب رسمياً مع حكومة الدبيبة بينما رجلها حفتر يدعم ويؤيد حكومة باشاغا.
8- سياسة الإمارات في ليبيا ذات محصل الصفري تعني أن فشلها في تحقيق أهدافها سيمهد الطريق أمام المعسكر المنافس (تركيا وقطر) لممارسة تأثير أكبر على المستويين الجيوسياسي والجيو-اقتصادي في ليبيا وخارجها، وهو ما لن تسمح به أبوظبي.
المسار الثاني: - تراجع وانزواء
يتوقع هذا المسار أن يتراجع الدور الإماراتي عن التدخل بشكل مباشر في المشهد الليبي ويرجح هذا المسار عدة نقاط أهمها: -
1- الضغوط الدولية المطالبة بإبعادها عن المشهد والإخفاقات المتتالية التي تواجه حليفها حفتر
2- سياسة التموضع التي تنتهجها الإمارات مؤخراً وسعيها لتخفيف حدة تدخلاتها العسكرية لصالح النفوذ السياسي والاقتصادي.
3- فشل الإمارات في الاتفاق مع حلفائها (فرنسا – مصر) على انتهاج سياسة موحدة تجاه ليبيا مما أضعف موقفها لصالح النفوذ التركي – القطري.
4- حجم الإنفاق العسكري والمالي المبالغ فيه للهيمنة على ليبيا ولكن دون جدوى مما يدفعها إلى تبديل مواقفها.
5- قوة التحديات التي تواجه الإمارات داخل ليبيا والتي قد تفشل في تجاوزها في ظل التواجد القوي لتركيا.
6- دخول قطر وتركيا للتوسط والزيارات المتبادلة بين أطراف الأزمة يشير إلى تراجع نسبي للإمارات
7- تستكشف الإمارات خيارات أخرى لمرحلة ما بعد الحرب، أحد هذه الخيارات عارف النايض، سفير ليبيا السابق لدى الإمارات والمرشح الرئاسي، الذي يبرز بسرعة كرجل الإمارات القادم ليحل محل حفتر في المرحلة المقبلة.
الخاتمة
بعد ما يقرب من عقد كامل من التدخل الإماراتي في ليبيا وبالرغم من بعض النجاحات النسبية التي حققتها من خلال حليفها حفتر من حيث السيطرة على بعض المناطق إلا أنها فشلت في هدفها الأكبر وهو السيطرة على طرابلس وإنهاء الأمور لصالح حلفائها، وفي ظل الضغوط الدولية وتراجع حلفائها عن الدعم المباشر لحفتر، تراجعت الإمارات عن تدخلها العسكري لصالح دعم المسار السياسي، ويرجح تقدير الموقف أن تستمر الإمارات في دعم المسار السياسي وتوظيف قدراتها الإعلامية وأذرعها السياسية في تحقيق المزيد من المكاسب كما في الوقت نفسه وإن كان بدرجة أقل ستستمر في توظيف حفتر وقدراته العسكرية عند الحاجة، فمن غير المرجح أن تتخلى الإمارات بسهولة عن أهدافها هناك بعد سنوات من التدخل.